على مدار الأشهر الأخيرة حملت السلطات الحاكمة في مصر، جماعة "الإخوان المسلمين"، مسؤولية العديد من الأزمات التي مرت بها البلاد، من أزمات الكهرباء المتكررة وحتى الاشتباكات التي تفجرت في مدينة أسوان، وأسفرت عن سقوط 24 قتيلا، وفق الرواية الرسمية. فلم تكد تمر ساعات قليلة على اندلاع تلك الاشتباكات حتى كتب المتحدث باسم الجيش المصري العقيد أحمد محمد علي، على صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" أن "هناك مؤشرات على تورط عناصر إخوانية في إشعال الفتنة بين القبيلتين" المتقاتلتين، وهما "الدابودية" و"الهلايلة". وفي الوقت الذي رفض فيه قيادي بجماعة الإخوان المسلمين هذه الاتهامات، واعتبرها "محاولة لتشويه صورة" الجماعة، أمام الشعب، ذهب خبير سياسي إلى أن ما يحدث من توجيه الاتهامات من قبل السلطات الحاكمة لجماعة الإخوان وتحميلهم مسؤولية بعض الكوارث، هو "أمر معتاد في الصراع بين الطرفين اللذين يرفضان التصالح". وكانت السلطة في مصر قد حملت جماعة الإخوان أيضا مسؤولية تفجيرين كبيرين، أحدهما استهدف مديرية أمن المنصورة في ديسمبر الماضي، والثاني استهدف مديرية أمن القاهرة، وسط العاصمة، في يناير الماضي، وذلك رغم إدانة الجماعة للحادثين فور وقوعهما. وفي 13 مارس الماضي، اتهم المتحدث باسم الجيش المصري جماعة الإخوان باستهداف حافلة للقوات المسلحة بمنطقة الكابلات بحي الأميرية شرقي القاهرة، ما أسفر عن مقتل رقيب وإصابة 3 آخرين. وفي 15 مارس الماضي، اتهم المتحدث باسم الجيش، جماعة الإخوان، بالوقوف وراء عملية قتل 6 جنود من الجيش خلال هجوم استهدف نقطة تفتيش في بداية طريق القاهرة-الإسماعيلية الزراعي. ومساء الأربعاء الماضي، اتهم وزير التعليم العالي وائل الدجوي "ضمنيا" جماعة الإخوان بالوقوف وراء التفجيرات التي وقعت أمام جامعة القاهرة، قائلاً في تصريحات صحفية إن "طلاب الإخوان يريدون تصعيد الأزمة كلما اقتربت الانتخابات الرئاسية، وإن الطلاب المثيرين للشغب يتلقون تمويلات خارجية لإحراق الجامعات وتخريب المنشآت العامة وتعطيل الدراسة". وكان الاتهام الأحدث هو "التورط" في أحداث أسوان، حيث قال المتحدث باسم الجيش إن "هناك مؤشرات على تورط عناصر إخوانية في إشعال الفتنة بين القبيلتين". وهو ما ردده حسن السوهاجي مدير أمن أسوان، في تصريحات صحفية، وقال إن من وصفهم بـ"عناصر في جماعة الإخوان المسلمين" هم "سبب الاشتباكات". الاتهامات التي وجهتها السلطات الحالية للإخوان لم تقتصر فقط على "التورط" في أعمال العنف ولكنها امتدت إلى الأزمات الحياتية، ففي نوفمبر الماضي حمل محمد أبو شادي، وزير التموين والتجارة الداخلية آنذاك، الإخوان مسؤولية أزمة ندرة اسطوانات غاز الطهي التي عانت منها البلاد في تلك الفترة، وقال في تصريحات صحفية، إن "الإخوان لهم دور في افتعال الأزمة، لأنهم يسيطرون علي توزيع اسطوانات البوتاجاز في بعض المناطق باعتبار أنهم يمتلكون جمعيات يوزعون من خلالها تلك الاسطوانات". وفي ديسمبر الماضي قال حازم الببلاوى، رئيس الحكومة آنذاك، خلال مؤتمر صحفي إن وزارة الداخلية رصدت عمليات سحب لـ"الجنيه المعدني" من الأسواق، ما سيؤدى إلى مشكلات اقتصادية ضخمة، فيما قالت درية شرف الدين وزيرة الإعلام، في المؤتمر الصحفي ذاته إن "جهات أمنية أكدت امتلاكها معلومات تفيد عزم تنظيم الإخوان سحب السكر والدولار من الأسواق". وفي منتصف فبراير الماضي، استبق مسؤولون حكوميون بمصر أزمة انقطاع الكهرباء التي بدأت البلاد تعاني منها حاليا ومن المتوقع أن تزداد المعاناة منها في الصيف المقبل، بتحميل الإخوان المسؤولية عنها، بعد اتهام أعضائها بتخريب أبراج توليد الكهرباء في عدد من المدن المصرية. وقال حازم الببلاوي رئيس الحكومة آنذاك إن "الوزارة تتابع بكل الغضب والاستنكار الممارسات الأخيرة التي تنتهجها جماعة الإخوان الإرهابية لإشاعة الرعب والخوف فى الشارع المصري، من بينها استهداف أبراج الكهرباء خاصة فى المناطق النائية لتدميرها، ما يعنى إشاعة الظلام فى أرجاء البلاد، وقطع الكهرباء عن المستشفيات والمرضى، وإغلاق المصانع وأماكن العمل". كل هذه الاتهامات، رفضها علي خفاجي أمين شباب حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية لجماعة الإخوان، وقال في تصريحات إلى وكالة "الأناضول"، إن الإخوان "لا علاقة لهم من قريب أو بعيد بالأحداث التي تشهدها البلاد من عنف". وأضاف: "لا أعرف سببا للزج باسم الإخوان في أي أزمة تشهدها البلاد، وهي محاولة لتكريس كراهية ضد فصيل يعارض السلطات الحالية"، مشيرا إلى أن "الزج باسم الإخوان في كل قضية يأتي في إطار الحرب علي الجماعة، من أجل تشويه صورتها أمام الشعب". مصطفى كامل السيد، أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية في القاهرة، قال إن "هذه الحالة من إلقاء الاتهامات، هو أمر معتاد في الصراع السياسي". وأوضح أنه "في كل دول العالم، يميل كل طرف (من المعارضة والحكومة) إلى إلقاء الاتهامات علي الطرف الآخر، فالمعارضة تتهم دائما النظام والسلطات الحاكمة، وفي المقابل يوجه النظام اتهامات للمعارضة بمحاولة إفشاله". وأشار إلى أنه "على الوجه الآخر، الإخوان يلومون السلطات المصرية الحالية بأفظع مما تتهمهم الحكومة، رغم أن المشكلات التي تعاني منها مصر، الطرفان مسؤولان عنها، ومتجذرة في البلاد منذ سنوات طويلة". وحول تأثير الاتهام علي الحياة السياسية المصرية، قال إن "التأثير سيكون محدودا نظرا لرفض الطرفين التصالح، وتأتي هذه الاتهامات كترجمة لهذا الرفض، ومحاولة من كل طرف لإجبار وإخضاع الطرف الآخر لشروطه".
ا
ا
0 التعليقات:
إرسال تعليق